الجمعة، 12 أغسطس 2016

من لي بمثل بني النجار

بني النجار
و من لي بمثل بني النجار!
.
بنو النجار هم أحد أكبر و أشهر بيوتات الأنصار من بني الخزرج .. و هم أخوال الرسول الكريم عليه الصلاة و السلام.


و قد كان من شأنهم أن هاشما الجد الأعلى لرسول الله ( و اسمه عمرو بن عبدمناف .. و سُمِّي بـ هاشم لأنه أول من هشم السُويق للحجيج بمكة ) مر بـ يثرب في طريق تجارته للشام فخطب إلى بني النجار فزوجوه سلمى بنت عمرو و بقي عندها زمنا ثم تركها ليكمل ليكمل رحلته و هي حُبلى بابنه ..

ثم مرض هاشم في الشام و مات و دُفِن هناك.

وضعت سلمى ابنها و سمته " شيبة " لبياضٍ كان في شعره ..

فلما سَمِع به المُطلب أخو هاشم ..

أكمل القراءة على رقيم

الجمعة، 18 مارس 2016

التعاون قوة




قصة قصيرة بقلم عبدالله بن محمد
------------------------------
كان هناك ثلاثة أصدقاء أمير , نبيل وصادق. و ذات يوم خرجوا للذهاب إلى النادي للعب رياضة ركوب الخيل بعد أن أنهوا الواجب المدرسي. وبينما هم في الطريق وجدوا حجراً كبيراً وثقيلاً يعوق الطريق وحركة السيارات.

قال أمير: يجب أن نرفع هذا الحجر لأنه يسبب خطر كبير على السيارات والناس. حاول أمير منفرداً ولكنه لم يستطع. فتقدم نبيل محاولاً رفع الحجر بمفرده ولكن لم يقدر على ذلك. فقال صادق : أنا أقوى منكما فحاول بمفرده ولكن لم يفلح.

فقال أمير: يجب أن نتعاون على رفع الحجر , فحاول الثلاثة ورفعوه عن الطريق ووضعوه على جانب الطريق.

فقال الثلاثة في صوت واحد: إن التعاون قوة.     

الثلاثاء، 8 ديسمبر 2015

واجب الوقت

#واجب_الوقت
هو العمل الذي يجب على الجماعة المسلمة أو الفرض المسلم في مرحلة معينة و ظروف معينة .. و بهذا المعنى فإن واجب الوقت قد يختلف بالنسبة للجماعة و الفرد من وقت لآخر .. كما قد يختلف من فرد لفرد في نفس المرحلة .. و لكل نقطة من هذه النقاط شاهدها من #السيرة_النبوية.
.
و بيان ذلك أن رسول الله عليه الصلاة و السلام نهى الرهط من أهل البيعة عن قتال المشركين في مِنى إذ كان واجب الوقت هو كف الأيدي و إقامة الصلاة .. بينما طلب ممن حضر ظهره فقط يوم بدر أن يخرج لإدراك عِير قريش و لم يعزِم على أحد إذ لم يُفرَض القتال ساعتئذ و كان واجب الوقت هو دفع أذي المشركين و إحراز ما أمكن من تجارتهم .. ثم في مرحلة ثالثة عزم على أهل المدينة و من حولها أن يخرجوا معه لقتال الروم لما قتلوا رسل دولة الإسلام إذ كان قتال الكفار قد تعيَّين على عموم المسلمين.
.
و على مستوى الأفراد تجد مصعب بن عُمير عليه واجب الدعوة و تهيئة الأرض لهجرة الرسول عليه الصلاة و السلام .. بينما جعفر بن أبي طالب عليه حفظ الجماعة المسلمة في الحبشة كـ خطة بديلة لو حصل و استأصلت شأفة المسلمين في مكة و دار الهجرة الجديدة .. و أبو بكر عليه واجب صحبة الرسول و حمايته في طريق الهجرة.
.
ثم نجد مصعب نفسه الذي كان في الأمس القريب داعية هادئ الطبع عذب الكلمات يكون حامل راية الإسلام يوم أحد و يقاتِل دونها حتى يشقه الكفار نصفين .. و جعفر الذي كان واجبه حفظ حياة المسلمين في الحبشة يلقي بنفسه في جموع الروم يوم مؤتة حتى تُقطع كلتا يداه .. و أبو بكر الذي كان يختفي مع رسول الله في الهجرة يعقد اللواء تلو اللواء لقتال المرتدين و الفرس و الروم فور توليه الخلافة.
.
و الجدير بالذكر ها هنا أن من يُفَرِّط في واحب الوقت الذي تفرضه المرحلة الحالية .. يكون هو أول من يضيع واجب الوقت في المرحلة التالية .. كما حدّثنا الله عن أولئك الرهط الذين استعجلوا القتال في مكة كانوا هم الذين قالوا " ربنا أخِّرنا إلى أجل قريب " لمّا فُرِض القتال في المدينة.
.
و على ذلك فإن من أفقه الفقه أن يدرك المسلمون قادة و أفرادا طبيعة المرحلة التي يمرون بها .. و من ثَمَّ يحددون واجبات هذه المرحلة تحديدا دقيقا سواء على مستوى الأمة أم على مستوى الأفراد .. ساعتها نستطيع أن نرى ثمرة للعمل الإسلامي .. و أما لو خالفنا منهج الرسول في بناء دولته فإن العاقبة معروفة سلفا و مشاهدة واقعا.

الثلاثاء، 15 سبتمبر 2015

برنامج #لا_نأسف_على_الإزعاج | الحلقة السادسة



بسم الله الرحمن الرحيم
- لا نأسف على الإزعاج -
*الحلقة السادسة :-
عنوان الحلقة : ‫#‏الخروج_من_بطن_الحوت‬
.
.
قصص الأنبياء في القرآن الكريم لا تشبه في شيء حكايات ما قبل النوم !
رغم أنّنا كثيراً ما نتعامل معها على أنّها كذلك .. 
على العكس .. قصص الأنبياء يجب أن تجعلنا ننهض , نستيقظ , تطرد النوم من عيوننا .. 
كان لقصص الأنبياء دوماً هذا الدّور .. و لكن بالنسبة لرسول الله –صلى الله عليه وسلّم- فقد كانت أيضاً تُحَدِّثهُ عن مَن سبقه من الأنبياء .. كانت تختصر له التجربة ..
و هذا يجعلنا نسأل : مَن هو أول نبيّ نزلت قصّته على رسول الله –صلى الله عليه وسلّم- ؟
بعبارة أخرى : مَن هو أول نبيّ ذُكِرت قصّته في القرآن الكريم حسب ترتيب النّزول ؟
هل هو سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء , و الذي سمّانا "مسلمين" , و الذي تنتمي له كل الديانات التّوحيديّة ؟ 
لا , رغم هذه المكانة .. لم يكن هو !
هل هو سيدنا موسى كليم الله , و الذي تحتل قصّته مع قومه و مع فرعون مساحة واسعة من القرآن الكريم ؟ 
لا ..
هل هو سيدنا عيسى صاحب الرسالة السماوية الأقرب زمنياً للرسالة الخاتمة ؟
لا ..
هل هو سيدنا نوح , الذي أنقذ البشرية من طوفان ذنوبها ؟
لا .. لم يبدأ القرآن بقصّة صاحب السفينة .. 
- بل بدأَ و يا للعجب بقصة صاحب الحوت !
" فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ "
هذه الآية هي من سورة القلم .. و هي ثاني ما أنزل من القرآن الكريم بعد سورة العلق ..
نحن إذاً في مرحلة مبكرة جداً من نزول القرآن الكريم و من الدعوة .. نحن غالباً في " سنة أولى دعوة " ..
لكن لا بد أن هناك شيئاً ما في قصة سيدنا يونس عليه السلام يجعل هذه القصة هي أول ما تنزل من قصص الأنبياء في القرآن الكريم !
كيف قَدَّمَ القرآن الكريم قصة صاحب الحوت ؟
لا يذكر القرآن قصّة سيدنا يونس إلا في ثلاثة مواضع : ( سورة القلم , سورة الصّافات , سورة الأنبياء ) ..
كل هذه المواضع تشترك في أنّها تتحدث عن القصة بعد خروج يونس من قريته .. كما لو أنّ المميز في قصة سيدنا يونس هو هذا " الخروج" !
كما لو أنّ العلامة الفارقة .. في هذا الخروج من القرية , أو في سبب الخروج ..
خرج بعض الأنبياء من قُراهم .. خرج إبراهيم , لوط , موسى , محمد .. - عليهم الصلاة و السلام أجمعين - .. 
لكن خروجهم كان مختلفاً . . لقد خرجوا بعدَ أن استُنفِدَت أساليب الدّعوة ! .. و خرجوا بوحيٍ من الله عزّ و جلّ .. 
مع سيدنا يونس .. كان الأمر مختلفاً ؛ لم تكن أساليب الدّعوة قد استُنفِدَت , و لم يكن هناك وحي للخروج ..
لقد خرج يونس غاضباً .. وصفهُ القرآن أنّه " ذَهَبَ مُغَاضِبَاً " .. مِمَّ ؟ 
من قومة لأنهم لم يسمعوه ؟ , من نفسه لأنه لم يجعلهم يسمعوه ؟ لا نعرف .. 
لكن في لحظةٍ صعبةٍ مُرَّةٍ .. تَصوَّرَ يونس أن لا أمل في قومه , تصوَّرَ أنه لا يمكن أن يغير شيئاً فيهم !
القرية التي خرج منها سيدنا يونس لم تكن أيَّ قرية .. لقد كانت " نينوى" ؛ عاصمة الحضارة الآشوريّة .. و هي المُوصل ؛ المدينة العميقة العريقة ..
كانت نينوى بالنسبة للعالم القديم مثل "نيويورك " أو " طوكيو " أو "باريس" .. في عالم اليوم ..
أمام نينوى و جبروتها و ثيرانها المُجنحة الشهيرة و جيوشها التي وصلت كل مكان .. وقف يونس و هو يسأل : ماذا بوسع رجل واحد أن يفعل أمام مدينة بأكملها , و مدينة مثل نينوى ؟
خرج يونس غاضباً من كل هذا , ركب البحر .. ربما ليبدأ بداية جديدة في مكان أيسر ..
لكن ما ترك مواجهته في نينوى .. ذهب ليطارده في عرض البحر !
هبّت عاصفة هوجاء .. و تصورَ الركاب بعقليتهم الوثنية أنّ آلهة البحر غاضبة من أحد الركاب و يجب أن يتم التخلص من هذا الراكب ..
كيف سيُحَدَّد ؟ بالقرعة .. و من دون كل الركاب وقف الاقتراع عند يونس !
أُلقِيَ في البحر .. و هناك ابتلعه الحوت .. 
في بطن الحوت , في الظلمة .. بزغَ النّور من فهمٍ جديد .. لقد فهم يونس الدّرس ؛ أنّك إن لم تواجه القيم السلبية فإنها ستطاردك في كل الأحوال !
ترك يونس المواجهة في نينوى لكنّه وجد نفسه في مواجهة نفس ما واجهه في عرض البحر .. 
في بطن الحوت ؛ في الظلمة .. بزغ الفهم ! .. بزغَ النّور من هذا الفهم .. و اتَّخَذَ شكل التسبيحة الشهيرة : " لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ " ..
هكذا قال يونس .. 
" أنت من الظالمين يا يونس ؟ أنت مظلوم .. لقد ألقوا بك في البحر بعد قرعة ظالمة ! "
لكن لا .. لقد تغير معنى الظلم بالنسبة ليونس !
الظلم : هو أن تترك دورك , أن لا تؤدي ما يجب أن تؤدّيه !
للظلم أشكال متعددة .. لكن أقسى و أقصى ظلم يمكن أن يحدث ؛ يبدأ من شخص ما ترك أداء دورهُ !
كيف يمكن ربط هذا كله ببداية الدعوة و بداية نزول القرآن في مكة ؟
الربط واضح .. مكة و خلفها قبائل العرب , و الكعبة و فيها من الأوثان بعدد أيام السنة ! , و القيم السلبية ؛ الجهل , التواكل , الوثنية .. كلها كان يمكن أن تجعل الرسول عليه الصلاة و السلام يقول : ماذا بوسع رجل واحد أن يفعل !
تذكرون عندما ذهب رسول الله إلى الطائف كيف تلقّاه أهلها ؟ بالحجارة , و بالسخرية التي هي أشد من الحجارة ..
يومها .. انسحب رسول الله إلى ظل بستانٍ ليستريح مما لاقاه من أهل الطائف .. 
فجاءهُ خادم نصراني اسمه " عدّاس " بقطفة عنب , فسأله رسول الله : من أين أنتَ ؟
فقال عدّاس : من نينوى ..
فقال رسول الله : من قرية الرّجل الصالح يونس بن متّى ؟
كما لو أنّ عدّاس قد جاء في هذا الوقت ليذكّر رسول الله بقصّة صاحب الحوت , بـ لا تكن كصاحب الحوت , بـ الأمل رغم كل المصاعب !
ماذا عنك يا صديق ؟
هل ستقول : ما علاقتي أنا بقصّة صاحب الحوت ؟ 
هل تعتقد أنها مجرد حدوتة و انتهت ؟
لا يا صديق .. قصص القرآن لا تنتهي أبداً .. 
دوماً .. ثمةَ حوت يتربص بك .. ليس بالضرورة في عرض البحر ..
بل في طول و عرض و عمق الحياة !
في كل مفترق طرق .. ثمّةَ حوت يتربص بك !
يريد أن يسحبكَ .. أن يبتلعك مثل ثقب أسود عملاق ! 
له أسماء متعددة بطن الحوت هذا ؛ أحياناً اليأس , السلبية , الكسل , الاستسلام , البطالة , التطرف , الـ لا شيء !
أن لا تفعل شيئاً بحياتك في حياتك لحياتك !
أن تأتي هذا الكوكب و تغادره دون أن تترك بصمةً واحدة !
إيّاكَ .. أن تكون سمكة داخل بطن حوت ..
لا يشترط أن يكون بطن الحوت هذا مظلماً .. ربما كان مبهرجاً بألوان برّاقة .. و أنت سعيد لكونكَ سمكة داخل بطن حوت مبهرج !
إيّاكَ .. أن تكون سمكة زينة .. أو " سردينة بشرية " داخل بطن حوت !
إيّاكَ أن تموت قبل أن تَمُتْ !
لا تترك حوتك يبتلعكَ .. 
لديكَ خيار أن تساهم في صنع السفينة ! 
فلماذا تذهب .. إلى بطن الحوت يا صديق ؟

الجمعة، 11 سبتمبر 2015

برنامج #لا_نأسف_على_الإزعاج | الحلقة الخامسة



بسم الله الرحمن الرحيم
- لا نأسف على الإزعاج -
*الحلقة الخامسة :-
عنوان الحلقة : ‫#‏كُن_أفضل_الصورة_تطلع_حلوة‬!
.
.
تخيّلوا معي ..
سلعةً أو منتجاً ما , سيارة مثلاً ؛ تصنعها واحدة من أهم الشركات التي ساهمت في بدء صناعة السيارات ..
فلنتخيل أن مستوى صناعة هذه السيارة أخذ يتدهور بالتدريج , و أنّها صارت خارج المنافسة ؛ تصميمها لم يعد جذّاباً , سرعتها لم تزد , لم تطرأ عليها أيّةُ تحديثات .. و كذلك حتّى مواصفاتها الأصلية أخذت تتدهور .. مواصفات الأمان فيها أصبحت سيئة للغاية , حوادثها كثيرة , و قاتلة أيضاً !
قبل أن تعلن هذه الشركة إفلاسها ستكون أنت قد شطبتها من أي شراء محتمَل ! .. وكذلك سيفعل الكثيرون ..
سيأتي من يدافع عن هذه الشركة .. و يذكّركَ بفضلها على صناعة السيارات , سيقول لك : أن هذه الشركة رائدة و مهمة , و أن المشكلة ربما كانت في قسم التصميم أو قسم الأبحاث و التطوير أو في القائمين عليها ..
حسناً .. الشركة كانت عظيمة ! .. و خَلَفَ بعدها خَلْفٌ أضاعوا الجودة .. و انتهينا ...
التاريخ موجود في المتحف !
و السلعة الحالية سيئة .. و لا شيء سيغيّر رأينا في هذا !
و بالنسبة لمن لا يعرف شيئاً عن تاريخ هذه الشركة فهو لن يهتم بالبحث في أرشيفها ..
السلعة الحالية سيئة .. انتهينا ...
تخيّلوا الآن أنّنا لا نتحدّث عن سلعة مادية ..
بل عن سلعة غير مادية ؛ عن إنسان هو في النهاية نتاج لثقافة .. لحضارة ..
لا نتحدّث هنا عن نموذج فردي .. بل عن النموذج الشائع الممثّل لهذه الحضارة ..
ماذا لو كان النموذج الشائع سيئاً مثل تلك السيارة التي تحدّثنا عنها – و لكن كإنسان - ؟
الناس سيربطون بين سلبيات هذا النموذج و بين الحضارة أو الثقافة التي أنتجته !
سيَرَون سلبياته , قلة انتاجه , بطالته , عدم احترامه للوقت و العمل .. و سيربطون بينها و بين الحضارة التي أنتجته ..
سيقولون : لا بد أن هناك شيئاً ما في هذه الثقافة يجعل النموذج الشائع هكذا !
سيأتي من يدافع عن هذه الثقافة .. كما أتى من دافع عن شركة السيارات .. سيقول : أن هذه الحضارة التي أنتجت هذا الشخص كان لها تاريخٌ عظيمٌ , و أنّها صاحبة فضل على البشرية ..
حسناً .. أغلب الناس لن يكترثوا لذلك ! .. هم يتعاملون مع نموذج حالي ..
نعم .. البعض سيهتم في البحث في كتب التاريخ عن فضائل و أفضال هذه الحضارة ... و لكن أغلب الناس سيتعاملون مع النموذج الحالي ..
نتحدّث هنا عن الإسلام كَثقافة .. كحضارة ..
و عن المسلمين .. حالياً .. النسخة الحالية من نتاج هذه الثقافة ..
علينا أن نعترف : نحن سيئون جداً ..
سيأتي من يتحدّث عن الاستعمار و المؤامرة و المبالغات الإعلامية .. الخ
طيب .. كل هذا صحيح ..
نحن سيئون و نحن من نتحمّل مسؤولية ذلك !
نحن سيئون بالمقارنة مع القيم الأصلية لثقافتنا .. و أيضاً نحن سيئون بالمُطلَق ؛ عندما نُقارَن بأي قيم أخرى !
نحن سيئون حالياً .. علينا أن نعترف بذلك ..
مهما تحدّثتَ للغربيين مثلاً عن عظمة الإسلام و عظمة قِيَمِهِ و عظمة أخلاق نبيّهِ عليه الصلاة و السلام .. إذاً عليكَ أن تستعد لسؤال محرج !
ما دام دينكم عظيماً هكذا .. فلماذا أنتم هكذا ؟
هناك من سيبحث في الكتب و يفصل النسخة السيئة الأخيرة من المسلمين عن الإسلام . و ربما يُشهر إسلامهُ .. هؤلاء يُسلمون بالرغم من مساوِئِنا ,يسلمون بالرغم منّا و ليس بسببنا !
على العكس مما يجب أن يحدث ..
" رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ "
للأسف ..
هذه الآية تكاد تُفَصِّل وضعنا بالضبط !
هذا النموذج السيِّئ السلبي المنتشر ؛ الأكثر شيوعاً .. لن نُحاسب عليه كأفراد فقط , بل سنُحاسَب أيضاً على أن هذا النموذج يدفع الناس الآخرين بعيداً عن الإسلام !
سينظرون إلينا ... إلى كل سلبياتنا .. إلى النموذج الأكثر شيوعاً .. و سَيَرَونَ أنّنا في ذيل الأمم في كل شيء .. سيربطون بين هذا الوضع و بين الإسلام ..
سينظرون إلينا و يقولون في أنفسهم أو بصوتٍ عالٍ , أنّهم على الصّواب !
ربما يكونون ملحدين , أو غير مؤمنين بأي دين .. و سيتصوّرون أن الوضع السلبي الذي نحن فيه مرتبط بالإسلام ..
سيجعلهم هذا يثبتون على ما هم فيه ... و سيجعلنا فتنةً للذين كفروا !
نغضب عندما يُسيءُ البعض للرسول عليه الصلاة و السلام .. من حقّنا أن نغضب ..
لكـن من حقّه علينا أن نعترف أننا كثيراً ما ساهمنا في هذه الإساءة !
من حقّه علينا أن نعترف أنّ وضعنا السلبي ساهَمَ في هذه الإساءة !
نعم ... البعض سيبقى مُعادياً للرسول عليه الصلاة والسلام .. هذا جزء من مهمة النبوة .. مهما كانت النسخة جيدة !
لكن هذا لا يجب أن يكون حجة لكي نقدم الأعذار لكل من يريد الإساءة ..
" و هذا ما نفعله حالياً ! "
الصورة المسيئة التي نقدمها تساهم في الإساءة للرسول عليه الصلاة والسلام ..
و في عالم آخر مختلف تماماً .. ستكون هناك آية أخرى تعبر عن هذه العلاقة :
" رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ "
في عالم آخر ... سيوَدُّ كل الناس لو أنّهم كانوا مسلمين ..
متى ؟
عندما يكون النموذج الشائع معبراً حقاً عن قيم الإسلام , منتجاً , دقيقاً , متقناً لعمله , محترماً للآخرين , معتزّاً بثوابته في الوقت نفسه ..
ليس مدينة فاضلة ! ليس عالماً افتراضياً ! .. فقط نموذج شائع معبر عن قيم الإسلام ..
في عالمٍ كهذا .. سيتمنى الناس لو أنّهم كانوا مسلمين ؛ عندها سيكون إسلامهم بسبب المسلمين .. بسبب إسلامنا .. و ليس كما يحصل اليوم ..
و اسمح لي أن أحلم يا صديق ..
بأن نساهم في تغيير هذه الصورة ..
لا
لا أقصد الفوتوشوب
لا أقصد أن نُجَمّل الصورة الحالية , أن نزيفها , أن نرممها , أن نحذف السلبيات .. لا أقصد هذا التغيير ..
أقصد التغيير الذي يسبق التقاط الصورة !
التغيير الحقيقي .. تغيير النموذج الشائع ..
التغيير الذي يعيدنا إلى الصدارة ..
اسمح لي أن حلم يا صديق ..
لكن لا تسمح لي أن يكون الحلم .. هو كل ما أفعله !

الاثنين، 7 سبتمبر 2015

برنامج #لا_نأسف_على_الإزعاج | الحلقة الرابعة


برنامج #لا_نأسف_على_الإزعاج
دكتور #أحمد_خيري_العُمَري
*الحلقة الرابعة :-
عنوان الحلقة : ‫#‏حدّوتَة_عُمَريّة‬
.
.
لِكُلٍّ منّا نظام تشغيل خاص به , نعمل من خلاله حتّى لو كنّا نجهل ذلك !
نظام تشغيل ؛ نفكّر من خلاله , نرى العالم من خلاله , نتصرّف من خلاله , نقوم بردود أفعالنا من خلاله , نخطّط لمستقبلنا أو لا نخطّط , من خلاله ..
من أينَ يأتي نظام التّشغيل هذا ؟
غالباً يأتي من مجتمعاتنا ؛ من الأمثال الشّعبية , من القيم التي نتربّى عليها و تشكّل رؤيتنا للحياة ..
و يلعب الوالدان و الظروف الشخصية المحيطة بكل شخص دوراً في تحوير نظام التشغيل هذا , و جعل بعض أجزاءه تعمل أكثر أو تعمل أقل ..
يمنح القرآن لأولئك الذين يلتحمون به و بأعمق معانيه ؛ نظام تشغيل قرآني !
نظام تشغيل يجعلهم يفكّرون بطريقة مختلفة ..
يمنح القرآن لأولئك طريقة في التفكير , في ترتيب الأشياء , في تصنيف الأشياء , في إعادة الأولويات ..
يجعلهم في موضع المسؤوليّة في العالم بحيث يتصدّون لحل مشاكل هذا العالم ..
كان يمكن لكل هذا الكلام أن يكون كلاماً إنشائياً جميلاً لا دليل عليه .. لكنّ السيرة النبوية احتفظت لنا بين ثناياها بـ حدّوتة مهمة , بحكاية تثبت لنا أنّ نظام التشغيل القرآني هذا حقيقة عملية قابلة للتطبيق العملي !
نظام التشغيل القرآني في هذه الحدوتة المهمة يثبت لنا أنّه يمكن أن يجعل البشر يَبدُون خارقين رغم أنّهم بشريّون تماماً !
و ذلك عبر أثرهم الخارق في العالم !
نظام التشغيل القرآني يجعل البشر يدخلون التاريخ و يغيّرونه !
- كان رجلاً عاديّاً من رجالات مكّة في جاهليّتها , كان صلباً متشبّثاً بما يعتقد أنّه الحق ..
" صلابته على ما يعتقد أنّه الحق كانت ميزته الأهم "
لكن فلننتبه .. هذا يمكن أن يكون إيجابياً جداً .. و يمكن أن يكون سلبياً جداً ؛ على حسب " ما يعتقد أنّه الحق " ..
أسلَمَ هذا الرّجل .. و لأنّ ميزته الأهم كانت هي تلك الصلابة و الثبات ؛ فقد التَحَمَ بمعاني القرآن !
و عندما مسّهُ القرآن فقد قام بتفعيل نظام التشغيل القرآني الخاص به ..
نتحدّث إن لم تكونوا قد عرفتم بعد ؛ عن عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- ..
الفاروق عمر .. ربّما سُمِّيَ بالفاروق لأنه الفارق بين نظام التّشغيل القرآني و أنظمة التشغيل الأخرى !
لم يقم أحد بأخذ صورة أشعّة مقطعية لدماغ عمر بن الخطاب لاكتشاف نظام التشغيل القرآني , كما لم يقم أحد بتحليل دماغه أو أنسجته لمعرفة ذلك !
كان الأمر أبسط من ذلك و أقل تعقيداً و دون الحاجة إلى أي تقنيات معقدة ..
كان ذلك من خلال حوادث حصلت في حياة الرسول –صلى الله عليه و سلم- و أثناء نزول القرآن الكريم ..
حوادث صارت تُعرف بِـ "موافقات عمر بن الخطاب للقرآن الكريم " ..
ما المقصود بِـ "موافقات عمر بن الخطاب للقرآن الكريم " ؟
في أحيان كثيرة كان عُمَر يذهب للرسول –صلى الله عليه و سلم- ليقول ما يراه صواباً في أمرٍ عام ..
أحياناً بطلبٍ من الرسول الكريم ؛ كما هي العادة في استشارة الصحابة , و أحياناً دون طلب ..
يذهب عُمَر ليقول رأيه في أمرٍ ربّما كان مخالفاً لما يراه الرسول - صلى الله عليه و سلم- و بقيّة الصحابة ..
ثمّ يأتي وحي السماء بآيات قرآنية صريحة توافق رأي عُمَر .. الذي كان لحظة قاله بعيداً عن الأخذ به !
كيف تمكّن عُمَر من ذلك ؟
هل كانت لديهِ مجسّات استشعار مثلاً ؟ هل كان يمتلك راداراً ؟
لا , الأمر أبسط من ذلك ؛ لقد قام عُمَر بتفعيل نظام التشغيل القرآني .. أصبح يفكر مثل القرآن ..
لكن .. قد يقول قائل : أَلَمْ يكن من الأجدر أن يظهر نظام التشغيل القرآني هنا على ما يراه الرسول - صلى الله عليه و سلم- ؟
لقد شاءت الحكمة الإلهية أن يظهر نظام التشغيل هذا على غير الرسول الكريم - صلى الله عليه و سلم- ..
كما لو أنّ الحكمة تقول لنا : الوحي سينقطع ذات يوم .. لكن نظام التشغيل القرآني لن ينقطع أبداً !
- الموافقات العُمَريّة متعددة ؛ و البعض منها حددها عُمَر بنفسه و قام بتصنيفها في حديث صحيح معروف , و البعض منها ذُكِر في علم أسباب النّزول ..
أمّا الموافقات التي حددها عُمَر في الحديث الصحيح فهي : 1- اتّخاذ مقام النبي ابراهيم مُصلّى , 2- آيات الطّلاق , 3- حجاب زوجات النّبي - صلى الله عليه و سلم- ..
يتحدث كثيرون عن مخاوف من العقل , مخاوف من ترك العنان له , عن المشاكل بين تقديم العقل على النصّ الديني ..
كل هذا يمكن أن يكون صحيحاً عندما يعمل هذا العقل بمنظومة تشغيل مختلفة ؛ بمنظومة تشغيل قادمة من منظومة حضارية أخرى ..
و لكن عندما يعمل العقل بنظام التشغيل القرآني فلا داعي لهذه المخاوف .. على العكس : لا يمكن فهم النص القرآني بطريقة صحيحة و فاعلة إلا من خلال عقل يعمل بنظام التشغيل القرآني !
- النتيجة : أنّ الموافقات العمرية تثبت لنا أن العقل البشري عندما يلتزم بنظام التشغيل القرآني يمكن له أن يبدع إلى أقصى حدود الإبداع !
و يوم استلم عُمَر الخلافة , جعل نظام التشغيل القرآني يعمل على نطاق واسع ..
نقرأ في سجل منجزاته الضخم أنّه كان أول من قام بكل الأشياء التالية : أول من وضع حصة تموينية لكل فرد , أول من مهّد الطرق بين المدن , أول من وضع الحرس الليلي , أول من جعل هناك ضمان على الحِرَف اليدوية , أول من أمر بالتعليم الإلزامي المجاني , أول من جعل نفقة اللقيط من بيت مال المسلمين , أول من جعل هناك موظفين يهتمون بذوي الاحتياجات الخاصة , أول من منع المسئولين من ركوب ما يميزهم عن غيرهم , أول من جعل امرأة في منصب وزير ... و هناك الكثير من الإنجازات التي لا تكفيها حلقة أو حلقات ..
لو كان هناك نظام لجوء في عهد عُمَر لرأينا الناس من كل قارات العالم يذهبون لِ اللجوء في دولة عُمَر !
و أنتَ يا صديق ..
ما هو نظام تشغيلك ؟
هل هناك نظام تشغيل لديك أصلاً ؟
أم هو مجرد هذا الخوض مع الخائضين ؛ أن تفعل كما يفعل أصحابك , أن تعيش حياتك بلا هدف , غير هدف الـ " لا شيء " .. يوماً بعد آخر .. ليلة بعد أخرى ..
أم لعل هناك نظام تشغيل فعّال فعلاً و لكنه قادم من منظومة حضارية أخرى ..
أنت تستحق شيئاً أفضل من هذا يا صديق !
أفضل من الهدر و الخوض مع الخائضين و من نظام التشغيل القادم من منظومة حضارية أخرى ..
في داخلك .. يوجد معدن نبيل .. أعرف ذلك و لا أجاملك : لقد خبرته !
ثمة معدن نبيل بحاجة لنظام تشغيل !
ثمة حدوتة شخصية عنك !
تستحق أن تُروَى للأطفال قبل النوم ..
حدوتة شخصية عنك أنتَ بالذّات !
تنتظركَ ..
لا تخذلها ..
يا صديق !