الجمعة، 11 سبتمبر 2015

برنامج #لا_نأسف_على_الإزعاج | الحلقة الخامسة



بسم الله الرحمن الرحيم
- لا نأسف على الإزعاج -
*الحلقة الخامسة :-
عنوان الحلقة : ‫#‏كُن_أفضل_الصورة_تطلع_حلوة‬!
.
.
تخيّلوا معي ..
سلعةً أو منتجاً ما , سيارة مثلاً ؛ تصنعها واحدة من أهم الشركات التي ساهمت في بدء صناعة السيارات ..
فلنتخيل أن مستوى صناعة هذه السيارة أخذ يتدهور بالتدريج , و أنّها صارت خارج المنافسة ؛ تصميمها لم يعد جذّاباً , سرعتها لم تزد , لم تطرأ عليها أيّةُ تحديثات .. و كذلك حتّى مواصفاتها الأصلية أخذت تتدهور .. مواصفات الأمان فيها أصبحت سيئة للغاية , حوادثها كثيرة , و قاتلة أيضاً !
قبل أن تعلن هذه الشركة إفلاسها ستكون أنت قد شطبتها من أي شراء محتمَل ! .. وكذلك سيفعل الكثيرون ..
سيأتي من يدافع عن هذه الشركة .. و يذكّركَ بفضلها على صناعة السيارات , سيقول لك : أن هذه الشركة رائدة و مهمة , و أن المشكلة ربما كانت في قسم التصميم أو قسم الأبحاث و التطوير أو في القائمين عليها ..
حسناً .. الشركة كانت عظيمة ! .. و خَلَفَ بعدها خَلْفٌ أضاعوا الجودة .. و انتهينا ...
التاريخ موجود في المتحف !
و السلعة الحالية سيئة .. و لا شيء سيغيّر رأينا في هذا !
و بالنسبة لمن لا يعرف شيئاً عن تاريخ هذه الشركة فهو لن يهتم بالبحث في أرشيفها ..
السلعة الحالية سيئة .. انتهينا ...
تخيّلوا الآن أنّنا لا نتحدّث عن سلعة مادية ..
بل عن سلعة غير مادية ؛ عن إنسان هو في النهاية نتاج لثقافة .. لحضارة ..
لا نتحدّث هنا عن نموذج فردي .. بل عن النموذج الشائع الممثّل لهذه الحضارة ..
ماذا لو كان النموذج الشائع سيئاً مثل تلك السيارة التي تحدّثنا عنها – و لكن كإنسان - ؟
الناس سيربطون بين سلبيات هذا النموذج و بين الحضارة أو الثقافة التي أنتجته !
سيَرَون سلبياته , قلة انتاجه , بطالته , عدم احترامه للوقت و العمل .. و سيربطون بينها و بين الحضارة التي أنتجته ..
سيقولون : لا بد أن هناك شيئاً ما في هذه الثقافة يجعل النموذج الشائع هكذا !
سيأتي من يدافع عن هذه الثقافة .. كما أتى من دافع عن شركة السيارات .. سيقول : أن هذه الحضارة التي أنتجت هذا الشخص كان لها تاريخٌ عظيمٌ , و أنّها صاحبة فضل على البشرية ..
حسناً .. أغلب الناس لن يكترثوا لذلك ! .. هم يتعاملون مع نموذج حالي ..
نعم .. البعض سيهتم في البحث في كتب التاريخ عن فضائل و أفضال هذه الحضارة ... و لكن أغلب الناس سيتعاملون مع النموذج الحالي ..
نتحدّث هنا عن الإسلام كَثقافة .. كحضارة ..
و عن المسلمين .. حالياً .. النسخة الحالية من نتاج هذه الثقافة ..
علينا أن نعترف : نحن سيئون جداً ..
سيأتي من يتحدّث عن الاستعمار و المؤامرة و المبالغات الإعلامية .. الخ
طيب .. كل هذا صحيح ..
نحن سيئون و نحن من نتحمّل مسؤولية ذلك !
نحن سيئون بالمقارنة مع القيم الأصلية لثقافتنا .. و أيضاً نحن سيئون بالمُطلَق ؛ عندما نُقارَن بأي قيم أخرى !
نحن سيئون حالياً .. علينا أن نعترف بذلك ..
مهما تحدّثتَ للغربيين مثلاً عن عظمة الإسلام و عظمة قِيَمِهِ و عظمة أخلاق نبيّهِ عليه الصلاة و السلام .. إذاً عليكَ أن تستعد لسؤال محرج !
ما دام دينكم عظيماً هكذا .. فلماذا أنتم هكذا ؟
هناك من سيبحث في الكتب و يفصل النسخة السيئة الأخيرة من المسلمين عن الإسلام . و ربما يُشهر إسلامهُ .. هؤلاء يُسلمون بالرغم من مساوِئِنا ,يسلمون بالرغم منّا و ليس بسببنا !
على العكس مما يجب أن يحدث ..
" رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ "
للأسف ..
هذه الآية تكاد تُفَصِّل وضعنا بالضبط !
هذا النموذج السيِّئ السلبي المنتشر ؛ الأكثر شيوعاً .. لن نُحاسب عليه كأفراد فقط , بل سنُحاسَب أيضاً على أن هذا النموذج يدفع الناس الآخرين بعيداً عن الإسلام !
سينظرون إلينا ... إلى كل سلبياتنا .. إلى النموذج الأكثر شيوعاً .. و سَيَرَونَ أنّنا في ذيل الأمم في كل شيء .. سيربطون بين هذا الوضع و بين الإسلام ..
سينظرون إلينا و يقولون في أنفسهم أو بصوتٍ عالٍ , أنّهم على الصّواب !
ربما يكونون ملحدين , أو غير مؤمنين بأي دين .. و سيتصوّرون أن الوضع السلبي الذي نحن فيه مرتبط بالإسلام ..
سيجعلهم هذا يثبتون على ما هم فيه ... و سيجعلنا فتنةً للذين كفروا !
نغضب عندما يُسيءُ البعض للرسول عليه الصلاة و السلام .. من حقّنا أن نغضب ..
لكـن من حقّه علينا أن نعترف أننا كثيراً ما ساهمنا في هذه الإساءة !
من حقّه علينا أن نعترف أنّ وضعنا السلبي ساهَمَ في هذه الإساءة !
نعم ... البعض سيبقى مُعادياً للرسول عليه الصلاة والسلام .. هذا جزء من مهمة النبوة .. مهما كانت النسخة جيدة !
لكن هذا لا يجب أن يكون حجة لكي نقدم الأعذار لكل من يريد الإساءة ..
" و هذا ما نفعله حالياً ! "
الصورة المسيئة التي نقدمها تساهم في الإساءة للرسول عليه الصلاة والسلام ..
و في عالم آخر مختلف تماماً .. ستكون هناك آية أخرى تعبر عن هذه العلاقة :
" رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ "
في عالم آخر ... سيوَدُّ كل الناس لو أنّهم كانوا مسلمين ..
متى ؟
عندما يكون النموذج الشائع معبراً حقاً عن قيم الإسلام , منتجاً , دقيقاً , متقناً لعمله , محترماً للآخرين , معتزّاً بثوابته في الوقت نفسه ..
ليس مدينة فاضلة ! ليس عالماً افتراضياً ! .. فقط نموذج شائع معبر عن قيم الإسلام ..
في عالمٍ كهذا .. سيتمنى الناس لو أنّهم كانوا مسلمين ؛ عندها سيكون إسلامهم بسبب المسلمين .. بسبب إسلامنا .. و ليس كما يحصل اليوم ..
و اسمح لي أن أحلم يا صديق ..
بأن نساهم في تغيير هذه الصورة ..
لا
لا أقصد الفوتوشوب
لا أقصد أن نُجَمّل الصورة الحالية , أن نزيفها , أن نرممها , أن نحذف السلبيات .. لا أقصد هذا التغيير ..
أقصد التغيير الذي يسبق التقاط الصورة !
التغيير الحقيقي .. تغيير النموذج الشائع ..
التغيير الذي يعيدنا إلى الصدارة ..
اسمح لي أن حلم يا صديق ..
لكن لا تسمح لي أن يكون الحلم .. هو كل ما أفعله !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق