الأربعاء، 17 ديسمبر 2014

الحلم و الأناة




الحلم و الأناة خصلتان يجبهما الله عز و جل كما أخبر بذلك عنه نبيه المصطفى صلى الله عليه و سلم فيما رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس أن رسول الله قال لأشج عبد قيس ” إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة "
و ذلك لما لهما من أثر عظيم ليس في حياة الفرد فحسب بل في حياة بيئته و مجتمعه الذي يتعامل معه
فما هو الحلم ؟ و ما هي الأناة ؟
أما الحلم : فهو أن يملك الإنسان نفسه عند الغضب، إذا حصل غضب وهو قادر فإنه يحلم ، ولا يعاقب، ولا يعاجل بالعقوبة.
وأما الأناة فهي التأني في الأمور، وعدم العجلة، وألا يأخذ الإنسان الأمور بظاهرها فيتعجل، ويحكم على الشيء قبل أن يتأنى فيه وينظر.
و من خلال سياق الحديث و المناسبة التي ذكر فيها يتضح لنا أهمية هذان الخلقان و لمَ يحبهما الله عز و جل .. فقد كان سبب قول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ما جاء في حديث الوفد »أنهم لما وصلوا المدينة بادروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأقام الأشج عند رحالهم فجمعها وعقل ناقته ولبس أحسن ثيابه، ثم أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقر به النبي صلى الله عليه وسلم فأجلسه إلى جانبه ثم قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: تبايعوني على أنفسكم وقومكم، فقال القوم: نعم، فقال الأشج: يا رسول الله إنك لم تزاول الرجل على شيء أشد عليه من دينه، نبايعك على أنفسنا ونرسل من يدعوهم، فمن اتبعنا كان منا ومن أبى قاتلناه، قال صلى الله عليه وسلم: صدقت، إن فيك خصلتين يحبهما الله« الحديث،
قال القاضي عياض:
فالأناة تربصه حتى نظر في مصالحه ولم يعجل،
والحلم هذا القول الذي قاله الدال على صحة عقله وجودة نظره للعواقب،

فمن هذا يتبين لنا فائدة الحلم عندما يُثار الإنسان ويُجنى عليه ويُعتدى عليه يحلم، لكنه ليس كالحمار لا يبالي  بما فعل به، يتأثر لكن يكون حليماً لا يتعجل بالعقوبة، حتى إذا صارت العقوبة خيراً من العفو أخذ بالعقوبة.
و يظهر لنا العاقبة الحسنة للأناة التي مدارها على التأني في الأمور وعدم التسرع، وما أكثر ما يهلك الإنسان ويزل بسبب التعجل في الأمور، وسواء في نقل الأخبار ، أو في الحكم على ما سمع ، أو في غير ذلك .. فمن الناس مثلاً من يتخطف الأخبار بمجرد ما يسمع الخبر يحدِّث به وينقله ، وقد جاء في الحديث (( كفي بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع)) .. ومن الناس من يتسرع في الحكم، سمع عن شخص شيئاً من الأشياء ، و لَمَا يتأكد أنه قاله أو أنه فعله ثم يتسرع في الحكم عليه، أنه أخطأ أو ضلّ أو ما أشبه ذلك، وهذا غلط .. فإن التأني في الأمور، كله خير.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق