الجاحظ هو أديب دولة بني
العباس بلا مُنازِع .. و هو الذي لا يَمَل من قِراءة كتبِه مُطالِع ..
و كانت له عناية بأحوال الأمم
و أثارِها .. و سرد مناقِبِها و مثالبِها و أيامِها ..
و قد كان العرب على رأس تلك
الأمم التي تكلم عنها الجاحظ و عَدَّدَ مناقبها .. ليس لأنه عربي فحسب .. بل لأنهم
قد حازوا الشرفَ من أطرافه باعتبارهم أهل النُبوة و المُلك ( على أيام الجاحظ كانت
دولة بني العباس تحكم أكثر من نصف العالم المعروف آنذاك )
فها هنا عرضٌ لأهم مناقب
العرب من وجهة نظر الجاحظ التي فَضَّلت العرب على سائرِ الأممِ و جَعَلتهم أهلاً
لاستقبال الرسالة الخاتمة .. و مُناقشةٌ لهذه المناقب و المآثِر و ما بقي منها و
ما اندثر .. نصيحةً لبني قومي و أهل لساني لعلهم يثوبون لرُشدِهم و يعودون مرة
أخرى لأسباب مجدِهم و عِزِّهم ..
· فأما أهم هذه المناقب و أرفع هذه الفضائل فقد
كانت فضيلة البيان العربي و الفصاحة العربية فقد قال الجاحظ " و لفضل الفصاحة
و البيان بعث الله تعالى أفضل أنبيائه و أكرم رسله من العرب , و جعل لسانه عربيا ,
و أنزل عليه قرآنا عربيا كما قال تعالى " بلسانٍ عربيٍّ مبينٍ " "
..
و هنا و الله تُسكَب العبرات ..
فإنك ترى أبناء العرب الآن و قد دخلتهم العُجمة فلم يعودوا أهل الفصاحة و اليان و
ما عادوا يستطيعوا أن يفهموا ما في القرآن و السنة من معان .. بل إن الأمر قد يصل
ببعضهم إلى أن يُفّضلَ اللغات الأجنبية , إنجليزية كانت أو فرنسية على لغته العربية
في الكتابة و التعبير عن مكنون نفسه و ما في ضميره .. و الله المستعان ..
و لئن كانت هذه مصيبةٌ عظيمةٌ
.. فهي و الله تهون بجانب تلك الطامة الكٌبرى التي ابتُلِيَ بها بنو العرب .. ألا و هي
كتابة اللغة العربية بحروف لاتينية (الفرانكو) و لو استمر حالهم على هذا المنوال
لربما فقدوا إتصالهم بالعربية و قدرتهم على قرائتها بعد بُرهة من الزمان ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق