السبت، 27 سبتمبر 2014

أفيقوا أيها العرب




و ما زال الجاحظ يُعدِد مناقب العرب التي حازت بها الشرف على سائر الأمم و استحقت بها أن تكون أهلا للرسالة الخاتمة .. 

فيقول " و العرب لم يكونوا تجَّارا و لا صُنّاعا و و لا أطباءا و لا حُسَّابا .. و لا أصحاب زرع لخوفهم من صَغَار الجزية .. و لم يحتملوا ذُلاً قط فيميت قلوبهم و يصغِّر عندهم أنفسهم . "

فانظر يا رعاك الله ما هي الصفات المِحوَرية التي أقام عليها الجاحظ تَمَيُز العرب عن غيرهم .. قال " لخوفهم من صَغار الجزية " أي أن العربي كانت حريته و كرامته عنده أكبر و أهم من أي شيء آخر ولو كان ذلك الشيء هو اتخاذ الصناعات التي بها قوام الحياة .. و ذلك أنهم لم يحتملوا ذلا قط فيُسَبِب تطاول الذل و تقادمه موت قلوبهم و استمرائهم للذل و الهوان .. و انظر إلى المُتَنبي يُعَبِر عن هذا المعني قائلاً


لا افْتِخارٌ إلاّ لمَنْ لا يُضامُ مُدْرِكٍ أوْ مُحارِبٍ لا يَنَامُ
لَيسَ عَزْماً مَا مَرّضَ المَرْءُ فيهِ لَيسَ هَمّاً ما عاقَ عنهُ الظّلامُ
واحتِمالُ الأذَى ورُؤيَةُ جانِيـ ـهِ غِذاءٌ تَضْوَى بهِ الأجسامُ
ذَلّ مَنْ يَغْبِطُ الذّليل بعَيشٍ رُبّ عَيشٍ أخَفُّ منْهُ الحِمامُ
كُلُّ حِلْمٍ أتَى بغَيرِ اقْتِدارٍ حُجّةٌ لاجىءٌ إلَيها اللّئَامُ
مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ ما لجُرْحٍ بمَيّتٍ إيلامُ


ثم انظر إلى حال العرب الآن و ما وصلوا إليه من ذِلَة و هوان بحيث صارت الشعوب تُلاقي كل أنواع المهانة من حاكميها المُتَغلبين عليها دون أن يرفعوا لذلك رأساً أصلا بل و يُمجدوا أولئك الحُكام و يدفعوا لهم الضرائب و المكوس .. و الحكام بدورهم يتعاملون مع المجتمع الدولي و القوى العُظمى بكل ذِلَة و صغار و لا يمتنعون عن دفع أي جِزية للحفاظ على عروشهم و كراسيهم أن تمتد إليها يد أو يطرأ عليها تغيير ..

ونحن هنا لا ندعوا لترك تلك الصناعات التي بها عمارة الحياة و لكن ندعو لأن يعود العرب لما كانوا عليه من عزة نفس و رفض للمهانة و الذل و دفع الجزية سواء أكان ذلك للمُحتَل الداخلي أم للمُحتَل الداخلي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق