الخميس، 1 مايو 2014

موازين البشر


كما للمثاقيل من خضر و فاكهة و ذهب و فضة فإن للبشر موازين ...

أي نعم للبشر موازين ... ألم يقل رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه يؤتى بالرجل العظيم يوم القيامة فلا يزن عند الله جناح بعوضة ... و قال عن ساقيّ عبد الله بن مسعود أنهما أثقل في الميزان من جبل أحد ...

و لذ فقد أخبرنا الله عز و جل بالميزان الوحيد الصحيح الذي يجب أن يُوزن به البشر فقال جل في علاه " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " ...

إنه ميزان واحدٌ و لا ميزان غيره ... ميزان التقوى و فقط ... و هو ما أكده الرسول الكريم في خطبة الوداع حين قال " لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى و العمل الصالح " إنها إذن التقوى من جديد مع عمل الجوارح بما يرضي الله وفق سنة رسوله.

و ماذا عن حال الناس اليوم ؟!!! كيف يزنون البشر  ...

إذا نظرت يمينك و شمالك تجد الناس لهم موازين شتى في وزن البشر .....
ففي مجتمع يمشي كما عقارب الساعة كالمجتمع الياباني تجدهم يزنون البشر بما لديه من عقل و قدرة على الإبداع , فقد احتفت وسائل الإعلام اليابانية بالعالم المصري الذي استطاع أن يُنَقي الماء من آثار الإشعاع الناجم عن تسونامي فوكوشيما باستخدام تقنية النانو , و إن نسيت فلا أنسى أبدا ما قاله لي صديق العمل في إريكسون اليابان و أنا على وشك الرحيل أن مديري الياباني في العمل حزين لرحيلي و لا أحسب ذلك إلا لأني كنت الوحيد من مجموعة العاملين الأجانب في الفريق الذي وافق أن يدخل مشروعا جديدا من نوعه لم يعمل فيه من قبل ...

و في المجتمعات التي تحللت من كل خلق فضيل بعد أن تحللت من كل دين ترى أنهم يزنون البشر بما هم عليه من صورة خلقية ففي أوروبا و أمريكا تكون المرأة مُعَززة مُكَرمة مادامت شابة و جميلة فإذا ذهب جمالها و فَنِيّ عمرها ألقاها زووها في دار المسنين أو قتلوها ليعجلوا بميراثها ... ناهيك عن المال الذي يعبده العالم أجمع الآن.

و ماذا عن المسلمين الذي نزلت عليهم تلكم الأيات و قال لهم نبيهم هاتيك الأحاديث ؟!!!

عندما أتكلم عن المسلمين اليوم لا يحضرني إلا هذا بيت المُتنبي
من يهن يسهل الهوان عليه  .....  و ما لجرح بميت إيلامُ

فالمسلمين لم يقتصروا أن فارقوا كتاب الله و سنة نبيه و لم يعد عندهم للتقوى و الإيمان وزن و قيمة بل تعدوا ذلك و فارقوا كل عقل سليم و منطق صحيح ... فبعد أن شاركوا أمم الأرض في موازينهم الباطلة من تقديم و تفضيل صاحب المال و الجمال و السطوة مهما يكن تقواه و صلاحه ... ذهبوا ليقيموا موازين جُدد لم يَعُد لها عن عقلاء البشر قيمة تُذكر ...

ذهب المسلمون ليفخر كل منهم بقوميته و علم دولته و حدودها التي رسمها لهم أعداؤهم و يزنون المرء بجواز السفر الذي يحمله ... فيفخر السعودي على البحريني و يفخر كلاهما مع الإماراتي على المصري ... و يتحزب من يحمل جواز سفر أردني و يكونون فيما بينهم لوبي لا يشعر بأي غضاضة و لا تأثُّم أن يُوقِع ضرراً بمسلم آخر لا لشيء إلا أنه يحمل جواز سفر عراقي ...

في الوقت الذي تتجه فيه أوروبا المختلفة في الأعراق و اللغات و الديانات و التي دارت بين شعوبها حروب طاحنة قتلوا فيها من بعضهم البعض ملايين البشر إلى الوحدة و الإجتماع ... فلا تجد الآن حدود بين دول أوروبا و لا جمارك و كلهم يتعاملون بنفس العملة ... في نفس ذات الوقت يقيم المسلمون حدود سايكس بيكو مقام قوله تعالى " إنما المؤمنون إخوة " ... و بعد أن قضى الإسلام على العصبية القبلية أقامت هذه الأجيال المهترئة من المسلمين مقامها العصبية القومية.

و لا أرى المسلمين عائدون لوحدتهم مرة أخرى إلا بنفس الطريقة التي وحد بها الرسول صلى الله عليه وسلم و من بعده الصديق العرب أول مرة ... و إن كان الهدف هو وحدة الأمة فلا ضير أن تُزهَق بعض النفوس الآثمة التي عبدت سايكس بيكو من دون الله.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق